
أهمية التعلم في المرحلة التأسيسية
“لماذا يعد وجود أطفالنا الصغار بالمدرسة أمرًا هامًا – وما الذي يجعل حضورهم إلى المدرسة آمنًا؟"
منذ بدء الجائحة بمارس 2020، تغير مسار عالم التعليم. وقد تعني هذه الجائحة أن العديد من الأطفال سيقضون أكثر جزء مميز بالنسبة لهم بالعام في المنزل، وسيتفاعلون بصورة أقل من الطبيعي مع المعلمين والأصدقاء والعائلة.
وبالنسبة للأطفال الصغار، تمثل كل تجربة أو تفاعل فرصة تعلمية بحد ذاتها. حيث يتعلمون من كل شيء يرونه وكل شخص يتفاعلون معه (بالكلام، واللعب، والضحك).
وقد قام أولياء الأمور بعمل رائع خلال وقت الجائحة، لأجل إبقاء أطفالهم بأمان وصحة. حيث تطلب الأمر من بعض أولياء الأمور توفير الدعم في تقديم جزء من المنهاج التعليمي بالمنزل، بالرغم من وجود مصادر قليلة ومحدودة لديهم. ومع إيلاء المزيد من التركيز على الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات والتفاعل مع المعلمين على الإنترنت، كان يشكل ذلك تحديًا للعديد من أولياء الأمور.
وتعد مرحلة التعليم المبكرة هي الفترة الأكثر أهمية في عملية تطوير وتنمية الطفل. حيث إن الطفولة المبكرة، منذ الولادة وحتى عمر السادسة، هي مرحلة حاسمة تشكل حجر الأساس لنمو الطفل ولرحلته التعليمية.
وبمنهاج مرحلة التعليم المبكرة، تعد النواحي الأساسية للتعلم هي ركيزة التعلم. حيث يلعبون دورًا مميزًا في تحفيز حماسة وشغف الطلبة للتعلم. وهذه النواحي الأساسية تعد قوة دافعة نحو دعم الأطفال في تعلمهم كيفية تكوين علاقات، وإدارة المشاعر، وإعدادهم للحياة والتعلم. وهي:
- التواصل واللغة والتنمية الجسدية والشخصية والاجتماعية والعاطفية.
- فوضع ركيزة قوية بهذه النواحي الأساسية أمر هام، حيث أظهرت الدلائل أن عدم وجود مأمن بحلول عمر الخامسة، سيكون هناك احتمالية للتأثير على نواحي أخرى من التعلم والتطور.
لماذا يعد وجود أطفالنا الصغار بالمدرسة أمرًا هامًا للغاية؟
التأثير على التواصل واللغة
التواصل واللغة هما قلب كل ما تنشد إليه المدارس والحصص والمواد الدراسية، حيث إن كافة مهارات القراءة والكتابة تنبع من مهارات قوية للتواصل واللغة.
ووفقًا للاستبيان الذي تم إجراؤه بإنجلترا كجزء من عملية الدراسة المستمرة الممولة لمؤسسة المنح التعليمية، فقد صرح 76% من المشاركين في الاستبيان أن الأطفال احتاجوا إلى مزيد من الدعم بالتواصل أكثر من السنوات الماضية، وذلك نتيجة للإغلاق والحظر.
ونظرًا لقضاء الأطفال لوقت محدود بالمدرسة، أشارت تقارير انخفاض مستوى التقدم بمهارات اللغة والتواصل الأساسية إلى أن تراجع مستوى الأطفال سببه عدم حصولهم على نفس كمية المصطلحات والكلمات ومقدار التفاعل الذي من المفترض الحصول عليه بالمدرسة. وبكون ذلك واحدًا من النواحي التعلمية الأساسية، فإن تطوير وتنمية مهارات التواصل واللغة الشفهية يحتل تركيزًا كبيرًا ودائم على مدار اليوم الدراسي بمرحلة التعليم المبكرة داخل المدارس، وأصبح المعلمون ذوي خبرة في تهيئة بيئة غنية باللغة بمختلف الأشكال للأطفال من أجل تحصيل التقدم والنجاح، إلى جانب خلق فرص لا حصر لها من أجل تعبيرهم عن أفكارهم وآرائهم ومشاعرهم.
التأثير على التنمية الجسدية والاجتماعية والعاطفية
تشير التنمية الجسدية والاجتماعية والعاطفية إلى العملية التي يطور فيها الأطفال قدرتهم على بدء علاقات وطيدة مع البالغين والأقران والحفاظ عليها؛ لأجل فهم عواطفهم والتعبير عنها بطرق مناسبة؛ وأن يصبحوا مستقلين، ويتمكنوا من الاستكشاف والتفاعل مع البيئة، وصنع قرارات مسؤولة (Ashdown & Bernard, 2012).
وهذه المهارات تمكن الأطفال من التفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين، وأن يكون لديهم موقفًا إيجابيًا تجاه المدرسة، إلى جانب تعزيز أدائهم الأكاديمي. حيث يعمل المربيون بمرحلة التعليم المبكرة بتعزيز المهارات الاجتماعية والعاطفية بالفصول، من خلال تزويد الأطفال ببيئة آمنة وتعزيزية وروتينية. ويلعب المعلمون أدوارًا هامة في دعم الأطفال لأجل تنمية مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية.
ويساعد الروتين اليومي بشعور الأطفال بالأمان، حيث يساعدهم جدًا بالتعلم، بدايةً من تعلم كيفية أداء المهام مثل: ارتداء الملابس، فرش الأسنان، الاستعداد للمدرسة، إلخ، إلى تعلم كيفية سير العالم المحيط، والمهارات اللازمة للتفاعل بنجاح داخل هذا العالم. وهذا الروتين اليومي البسيط يمنح الأطفال قاعدة أساسية لتعلم المهارات الأخرى، مثل: النظافة الشخصية الأساسية، وإدارة الوقت، والتحكم بالذات، والاعتناء بالنفس، والاحساس بالمسؤولية، والاستقلالية، والثقة بالنفس. وتدرك المدرسة والمعلمون أهمية الروتين اليومي وأثره على رفاهية الأطفال، ويقوموا بتزويد الأطفال بهذه الفرصة على مدار اليوم الدراسي.
ويتفاعل الأطفال، ممن ليس لديهم أخوة، بشكل محدود مع الأطفال الآخرين. وهذه التفاعلات تعد أساس تنمية المهارات الأساسية، مثل: الإدراك ومشاركة التجارب، وتبادل الأدوار، وإرساء العلاقات. وتمنح المدرسة والمعلمون فرصًا لأطفالنا تسمح لهم بالحصول على هذه التفاعلات اليومية ببيئة آمنة وطبيعية، والعمل بشراكة لأجل تنمية مهارات التواصل واللغة لدى الأطفال.
التأثير على التنمية الجسدية
تشتمل التنمية الجسدية على تزويد أطفالنا الصغار بفرص ليكونوا نشطاء ومتفاعلين؛ لأجل تنمية مهاراتهم التنسيقية والتحكمية من خلال أنشطة حركية دقيقة وكبرى.
وتشجع المدارس الأطفال بشكل دائم ليتمتعوا بالاستقلالية في التعلم والتفكير والأداء.
وتضمن فصول مرحلة التعليم المبكرة توافر التنوع بالمصادر المتاحة لدعم التنمية الفردية لكل طفل من أجل دعم رحلة تطورهم ونموهم الجسدي.
ويبدأ الأطفال الصغار بمرحلة الروضة في التعامل مع أدوات كتابية أكبر، مثل: أقلام التلوين الكبيرة، ويدعم المربيون تطوير ونمو أطفالنا من أولى خطواتهم لإدراك كيفية إمساك القلم. ويعمل المعلمون على زيادة فرص تقوية أصابع الأطفال من خلال الأنشطة والمصادر.
وبعد ذلك يستمر الأطفال في تحسين مهاراتهم الحركية والبناء على مهاراتهم السابقة. وتتحسن مهاراتهم الفنية، ويمكنهم رسم أرقام بسيطة، ونسخ الأشكال مثل: الدوائر والمربعات والأحرف الكبيرة. وتقوم المدرسة والمعلمون بتكييف بيئة التعلم وفقًا لتنمية الطفل الفردية بهذه الناحية، وذلك باستخدام معرفتهم الكبيرة لأجل دعم خطوات الطفل التالية.
ومع استمرار المعلمين في ثقل الرحلة التعلمية للأطفال، تتطور وتنمو مهاراتهم الجسدية بشكل طبيعي، وهي المهارات اللازمة لبدء أو النجاح في السنة الأولى وما يليها، مثل: كتابة الأحرف والأرقام، والقدرة على استخدام أدوات الرسم والأقلام الرصاص وأقلام التلوين بتحكم أكبر وأفضل.
وبالنسبة للمهارات الحركية الكبرى، أشارت الدراسات إلى أن أكثر الأمور التي شاهدت تراجعًا ملحوظًا في المستوى بين الأطفال هي الاستقبال الحسي أو الوعي المكاني. كما أن اللعب مهم للغاية في كون الأطفال قادرين جسديًا على المشاركة والمواكبة والمواصلة في الحركة. وذلك إلى جانب أن القدرة على التحرك والتجول داخل الفصل للوصول إلى المصادر لها دورها في تنمية استقلال الأطفال. وتوفر المدرسة والمعلمون هذه الفرص بشكل يومي، ابتداءً من أنشطة الفصل الصغيرة إلى حصص التربية الرياضية الأكثر تركيزًا.
وما الذي يجعل حضور الأطفال إلى المدرسة آمنًا؟
تعمل المدارس وتنسق بشكل دائم بالشراكة مع هيئة المعرفة والتنمية البشرية وهيئة الصحة بدبي ووزارة الصحة من أجل ضمان اتخاذ كافة تدابير السلامة اللازمة لضمان سلامة الأطفال وأولياء الأمور والكادر المدرسي. ونحن نبحث دائمًا عن الطرق التي يمكننا تكييفها بالفصول الدراسية لضمان استمرارية قدرة الأطفال على الحصول على المنهاج التعليمي القائم على اللعب، والبقاء بأمان وفقًا للإرشادات والتوجيهات.
وقد تم حاليًا تحصين 96% من الكادر المدرسي، مما قد زاد من نسبة السلامة والأمان. كما يرتدي كادرنا المدرسي الكمامات طوال اليوم، إلى جانب استخدام مطهر اليدين باستمرار.
ويتم فحص درجة حرارة كافة الأطفال والكادر المدرسي وأولياء الأمور عند الدخول إلى المدرسة. وينزل أولياء الأمور أطفالهم بمدخل الروضة حيث يتم الترحيب بهم من قبل المعلمين، واصطحابهم إلى فصولهم.
ونقوم بتعقيم وتطهير الفصول بالكامل بنهاية كل يوم دراسي، باستخدام ماكينة تبخير للحصول على تعقيم عميق لكل الأدوات الموجودة بالفصول.
وعلى مدار اليوم الدراسي، نقوم بحث الأطفال على غسل وتطهير أيديهم، وبخاصة قبل لمس المصادر المشتركة أو عند الدخول إلى الفصل. كما أنه ما زال يتوفر للأطفال سلات فردية للمصادر، والتي يمكن تطهيرها بين كل استخدام والآخر، مما يسهم في تعزيز استمرارية توفير عدة خيارات بالفصول الدراسية.
كما قمنا بالعديد من التعديلات الأخرى، على سبيل المثال: إزالة الخزائن، ووضع المسافات بين الطلبة. حيث قُسم الطلاب إلى "فقاعات" مختلفة، وتم تقسيمهم أيضًا بوضع حواجز كبيرة من الزجاج المقوى. وتظل هذه الفقاعات مع بعضها خلال اليوم الدراسي، مما يقلل التفاعل بين المجموعات المختلفة من الأطفال.
وشراكتنا الرائعة والمميزة مع فريق عمل العيادة المدرسية تضمن أنه في حال ظهور أي من الأعراض المرضية على الأطفال، سيكون هذا الفريق متاحًا لتقديم الدعم والتوجيه السريع للمعلمين بشأن اتخاذ التدابير الطبية والصحية اللازمة.
سارة صموئيل
نائب مدير المدرسة